السبت، 26 مارس 2011

مدينة المؤخرات يوليو 2010



ملف العدد > رسومات علي الطريق يوليو 2010

كان الخوف هو المركز الذى تمحورت حوله دائرة حياتى فى مصر قبل الهجرة إلى أمريكا وطنى الثانى: حرام، عيب، حرام، عيب.

فى طفولتى كنت أعتقد أن الحلال غير موجود إلا فى أماكن لا أستطيع الوصول إليها، وأتذكر أننى عندما ترعرعت وصرت فى السادسة عشرة من عمرى وبدأت أصارح أهلى بشكوكى حول الله كنت أواجه بعواصف نقدية، وفى إحدى المرات صرخت فى وجه أبى: «أنا مش عايز ربنا بتاعك ده»، وهجم أبى بقسوة شديدة على ذلك المعتوه، الذى يحاول خرق قواعد اللعبة (الخوف من الأب والخوف من الإله).

أتذكر أننى قفزت من الطابق الثانى وهربت تاركًا البيت!

بعد ذلك تصورت أننى بدخولى كلية الفنون الجميلة قد عقدت اتفاقاً غير معلن بينى وبين الأساتذة «هكذا تصورت» على الحرية والصراحة wow فريدوم.. ولكن كانت كارثة فقد التحقت بالكلية فى بداية الثمانينيات.. والمد المتأسلم فى ذروته.. كانوا قد ألغوا رسم الموديل العارى.. ثم لاحقاً ألغى الرسم الحقيقى فى بعض الأقسام.. صرنا نستمع إلى كلمة الحرام تتطاير فى الهواء مثل شرارات بركانية محملة بنظرات تحذيرية متأثرة بثقافة الجهل والخوف.. وفى مرحلة لاحقة أثناء تدريسى فى الكلية تطورت فكرة الحرام لتصبح أكثر بروزًا.. ممنوع الكلام فى الجنس والدين والسياسة.. بالعربى كده ما تتكلمش.

وفى مرحلة أشد قسوة اصطبغ الجهل بالخوف ليكونا حالة أكاديمية شاذة.. فإذا تجادلت مع أحد الأساتذة تحولت المناقشة إلى ما يشبه حلبة الملاكمة.. لابد أن تنتهى بمنتصر ولما كان الشباب مازال يجرى بداخلى بعنفوان.. فلم أكن أريد الهزيمة فكنت أسلح نفسى بقراءة متزايدة ومتضاعفة حول أى موضوع سنناقشه.. وهنا عندما يحس الأستاذ بما يتصوره انتصار «المعيد» الذى هو أنا.. يبدأ فى التركيز ثم يستحضر بعض الأحاديث الصحيحة أو المشكوك فى صحتها المنسوبة إلى الرسول الكريم.. قائلاً: إنت عارف الرسول قال إيه؟ كانت نظرته دائمًا تحمل التحدى والانتصار، فقد وضعنى فى ركن الحلبة فإذا استعرت مقولة لفيلسوف، فنان أو مفكر يهددنى بأنها تخالف الرسول.. عارف يعنى إيه الرسول يا حسن؟ إذن لو خالفت ما يقول لتحولت إلى كافر، وما أدراك ما الكافر وقتها.. بم بم باااام.. بوووم.

كان الجهل يكتسب زبائن متجددين كل يوم بفعل الخوف أو الاستعداد الفطرى.

كنت غاضبًا من وجودى فى ركن الحلبة ولكن قوى الظلام كانت تنتشر بسرعة فائقة.. فى بعض الأحيان كنت أتسلى بالسخرية من بعض المعاونين والزملاء وأسألهم: إنت عارف كافر يعنى إيه؟ فينظر إلى الواحد منهم نظرة فيها احتقار مرعب لجهلى.. وحين أدفعه بكل قوة للإجابة يسرد لى مقاطع قرآنية جميلة ولكن لا تحوى الإجابة، وعندها أنظر إليه كوالد يحنو على طفله (يا عزيزى الكافر هو الفلاح الذى يكفر الحب فى التربة والليل كافر لأنه يستر العيوب والكفر هو الغطاء....».

كانت الصورة فى مصر كلها تزداد تأسلمًا وكأننا نمنا 1400 سنة وصحونا لا نعرف شيئًا.


رسومات على الطريق 
(مجموعة الرسوم المصاحبة كانت عبارة عن أفكار وكروكيات دونتها فى مذكراتى، ولما حان الوقت طورتها وصبغتها بألوانى لأشارككم فيها فإن وجدتم فيها صدقا فهو الفكرة والرسم وإن أحسستم بكذبها فهو الحرفة اللونية الجميلة).

الراقصة البلدى
حين كنت طفلا كنت أتسلل مع إخوتى إلى سينما رأس التين فى بحرى.. كانت البلد أمانا يمكن للأطفال أن يرتحلوا فيها بأمان وكنت أعشق السينما.. الغريب أننى أتذكر رغم وجودى وحدى مع إخوتى الصغار، فإنه إن حدث وظهرت راقصة شرقية أو بطل يقبل البطلة كنت أضع يدى على عينى صارخا حرام.. بعد أربعين عاما حين صاحبت mission dance company تعلمت أن الرقص له روحانية عميقة حاول المتعصبون إهدارها، ولكن يبدو أنه إحدى الغرائز المغروسة فينا.

فابنتى فاطمة الأمريكية التى لا تتحدث العربية والتى تبلغ من العمر أربع سنوات، والتى تستمع نادرا إلى الموسيقى الشرقية أجدها تتمايل بحرفية راقصة شرقية لمجرد سماعها الطبلة البلدى.. من علمها هذه الرقصة ؟

قالت لى (ديبى سميث) الراقصة الأمريكية الرائعة :إن القدماء كانوا يمارسون الرقص الشرقى لإكساب المرأة مرونة تساعدها فى عملية الوضع.


ديانا سوليس 

فى بداية علاقتى بزوجتى «ديانا سوليس» كنت دائم الخوف والشك فى دوافعها.. كان خوفى ينبع من الصورة التى تربينا عليها «الأجانب عاهرات» بالإضافة بالقطع إلى «ماريا» والدة «ديانا» فقد كانت يهودية مجرية من ضحايا الحرب النازية «الهولوكوست».. كنت أحاول بكل قوة - صدقونى - أن أقهر خوفى أو أدعى عدم وجوده.. الآن أعرف أن خوفى كان يقهرنى كلما تجاهلته.. بمعنى أنه يزداد قوة فى كل مرة تظاهرت بعدم وجوده.. كنت أدعى التحرر وأننى شخص متطور، ولكن عند كل مرة كنت أواجه خوفى، كنت أهزم شر هزيمة، لقد تربيت على أغان وطنية من نوع «دع سمائى فسمائى محرقة» سمعت اليهود يُلعنون آلاف المرات.. قتل زوج خالتى على يد الصهاينة فى كوبرى الفردان.. قاتل ابن خالتى فى كل الحروب.. كان كل ما يمس الدين بالنسبة إلىّ جرس إنذار.. إن تفوهت «ديانا» بسؤال دينى قفزت كالمسعور مدافعًا عما تخيلته هجومًا منها على دينى.. كانت صبورة فى البداية على جهلى، وبدأ صبرها ينفد فى النهاية.

لم يكن الدين فقط هو ما يفجر غضبى بل الجنس أيضاً.. فإن اتصل أى شخص بديانا «خليت ليلتها سودة» شك وقلق.. ولا تنس قارئى العزيز أننى كنت أعيش فى سان فرانسيسكو المدينة التى يعتبرها العالم قبلة الشواذ والتى شهدت ذروة الثورة الجنسية فى الستينيات من القرن الماضى.

كنت أعتقد أننى بمعزل عن ثقافة مصر.. فإذا بى أفاجئ نفسى.. بأننى حملتها معى وداخلى.

كانت «ديانا» محبوبتى تساعدنى على أن أرى أن الخوف هو وهم وأن معرفة جسدى وقدرتى على التحكم فى كيميائه ستساعد فى التغلب على هذا الخوف. إن كنت تغط فى نوم عميق ممتع وحاول شخص ما أن يوقظك، فمما لا شك فيه أنك ستلطم هذا الشخص وتعنفه.. وهكذا سارت علاقتى مع زوجتى من سيئ إلى أسوأ.. كلما مدت يدها لتوقظنى زاد غضبى.. من السهل أن تفيق إذا كان نومك ليوم أو ليومين ولكن عندما يبلغ نومك عشرات السنين فإنك ستصارع بوحشية شديدة.. صدقنى.

القصة طويلة بدأتها هنا وسأعود حتمًا لاحقًا لأكملها معكم، وسأنهى هذا الجزء بمقولة قد تثير فيك الرعب ولكنى سأطرحها.. يقول أغلب الأساتذة «ماسترز»: قد تحتاج إلى أن تقتل الله لكى تجده.


الجميلة
فى الواقع هذا لغز.. انظر إلى الفتاة الجميلة التى أمامك.. تمعن فى الريش وحركة الإصباع.. هل شاهدتها جيدا.. إذن أنت جاهز لكى تشاهد (السابحات ).


السابحات 
ما شهدته فى اللوحة السابقة هو صورة لما أردت أن تراه واستسلمت له فى براءة.. انظر الآن إن شفة المرأة الوهمية فى اللوحة السابقة ما هى إلا امرأة جالسة وضعتها فى تكوين مركب فى هذه اللوحة لتوضيحها.. امرأتان على شاطئ بحر.. إن لم ترها سيدة أو عجزت عن فهمها فتذكر أنها لوجه وليست صورة امرأة.


توضح الصورة
غطاء رأس مصنوع من الرمال الخفيفة ومزود بأحدث التقنيات.. فإذا كان على المرء أن يدفن رأسه فى الرمل فلماذا لا يرتديه ويتحرك به ويتزوج به .. بلا وجع دماغ.

أثناء غزو العراق ثم حرب لبنان لاحقا انتبانى حنق عظيم على الظلم وعدم العدالة الغربية.. وقررت أن أنتقم منهم بإغاظتهم )تيززم/ tease them) أو دراسة أخص أجزاء جسدهم والسخرية منه.

* الحدوتة 
عندما يعمل الإنسان الأمريكى مطحونا فإنه ينشغل عما حوله فهو لا يدرك العالم الخارجى.. دفن الغربيون رأسهم فى الرمال حتى لا يشاهدوا ما يحدث فى فلسطين.. المشكلة أنك إن دفنت رأسك فى الرمال فإن مؤخرتك تبرز عالية فى الهواء.. تشبه صندوق الانتخابات.

فى أى حوار مصرى - أمريكى أستمع إلى كلمة shit مئات المرات، فقلت فى نفسى: هذا شعب يخرج فضلاته من فمه ويتكلم انتخابيا بمقعدته.. تعتبر لفظة سأركل مؤخرتك Iwill kick your butt شائعة جدا.


مدينة المؤخرات
فى اللوحة تصميم أولى لمدينة المؤخرات.. فإذا كنت شخصا مؤخريا فأنت بلا شك ستنضم إلى ( مدينتى ).


الرجل المؤخرة
صورة تفصيلية لشاب مؤخرى معتنق للمذهب التأخيرى التطورى الجشتلت الإكتوارى


حامى الحمى
وإذا كان لكل مدينة بطلها فقد قمت باختراع شخصية حامى الحمى والرجل المؤخرة : الذى يدافع عن المدينة بمؤخرته اللينة التى ينفخها ثم يطرد بها المجرمين وينفخها أيضا فى الطيران لأعلى butt man


جهاز التدريب
هذا عبارة عن جهاز لتدريب قوات التحالف على ركل مؤخراتنا.. الناس ساعدتنا كتير قوى..اخترعوا كل حاجة نستعملها ونلبسها.. قلت أساعدهم.


عيد الحب
انظروا إلى عيد الحب فى مدينة المؤخرات... قلبى عليهم.

هناك تعليق واحد: